google.com, pub-3600483239573649, DIRECT, f08c47fec0942fa0
أخباررأيعاممقالات

محمد جلال هاشم .. يكتب : أينما تذهب فإنه صراع السلطة..!!

أينما تذهب، فإنه صراع السلطة!

محمد جلال أحمد هاشم
جوبا – 19 أبريل 2024م

ـ “من سنن التاريخ الاجتماعي البشري أن أي مؤسسة مجتمع يتم بناؤها، لوظيفة ما، أو أي فكرة ذات قدرات تحريك جماعي عالي، إذا برزت وصارت ذات وزن، سوف تصبح ميدانا من ميادين صراع السلطة في المجتمع.” (قصي همرور)
***
نعم يا صديقي، ما تقوله صحيح تماما! فالتعاونيات نفسها، بوصفها نشاطا بشريا، لا يمكن أن تصبح بمنجاةٍ من صراع السلطة. لكن، مع هذا، في منهج التحليل الثقافي، تبقى التعاونيات (الخدمية منها والتنموية)، بوصفها نشاطا اجتماعيا اقتصاديا، تعمل على الارتفاع والارتفاع، تكامليا، بقطاعات اجتماعية في سلم السلطة، من السلطة في المستوى القاعدي للسلطة في المستوى السياسي، كقطاع اجتماعي، لا فرديا. وهذه هي العلامة التجارية [كذا] الفارقة بين الاقتصاد الاشتراكي من جهة، والاقتصاد الرأسمالي من جهة، وكلاهما مجتمعين، في مواجهة الاقتصاد التعاوني من جهة أخرى. والاقتصاد الاشتراكي يرتفع ويرتفق بالطبقة المسيطرة على الدولة (الحزب الحاكم) لتصبح سلطة سياسية ملتحمة مع مؤسسة الدولة، أي أنها ترتفع بالاقتصاد لممارسة اجتماعية من المستوى القاعدي للسلطة إلى المستوى السياسي للسلطة، وهذا هو مأتى الانخراف. ذلك، حسبما عشناه وخبرناه في التجربة البينية/الستالينية (وليست الماركسية – والكلام هنا فيهو كلام)، فإن الحزب الحاكم لا محالة سوف يتعرض الاختزال حتى يتحول الى مجرد حفنة من الناس الأقوياء قوة الدولة، فيصبحون دولة داخل الدولة. وكذلك الاقتصاد الرأسمالي يرتفع ويرتفق بالطبقة المسيطرة على وسائل الإنتاج لتصبح سلطة سياسية ملتحمة مع مؤسسة الدولة، وهذه لا محالة سوف تتعرض بنفس الاختزال الى مجرد حفنة من الناس، فيصبحون دولة داخل الدولة. ولكن هذا يمتنع في الاقتصاد التعاوني، ذلك كيفما انحرفت به مباشرة الصراع حول السلطة، كونه يعمل على ارتفاع وارتفاع السلطة من مستواها القاعدي إلى مستواها السياسي عبر المجتمع القاعدي نفسه، دون أن يتعرض إلى أي شكل من أشكال الاختزال، ذلك طالما ظل نشاطا اقتصاديا تعاونيا. وهذا فرق كبير يا صديقي.
***
ولعل هذا ينقلنا إلى سابق مفاكراتنا حول وليم دي بويز (الأب الروحي للحركة الآفروعمومية)، وكذلك بوصفه الأب الروحي للاقتصاد التعاوني، ذلك عندما أعلن انضمامه للشيوعية، أخريات خمسينات القرن العشرين، قبيل وفاته. فقد كان رأيي، ولا يزال، أنه فعل ذلك كإجراء احترازي، تواؤمي precautionary and convenient عندما اتهمته المكارثية بالشيوعية. وجاء رأيي ذلك على أن طبيعة أفكاره لم تتغير بالمرة من الاقتصاد التعاوني الذي ظل يؤمن به ويدعو له منذ عشرينات القرن العشرين، إلى الاقتصاد الاشتراكي، هذا على الرغم من أنه ختم حياته كشيوعي.
***
أما استرجاعتك لمقولة إنجلز البلقاء: “… من أفضل ما يشار إليه في هذه المسألة بعض ما قاله إنجلز نفسه، حين قال، في رسالة إلى يوسف بلوخ، 21 سبتمبر 1890” في هذا النص الأبلج:

“وفقا للإدراك المادي للتاريخ، يشكّل إنتاج وإعادة انتاج الحياة الفعلية العنصر الحاسم في آخر المطاف، في العملية التاريخية. خلاف ذلك لم نؤكده في يوم من الأيام، لا ماركس ولا أنا. بالتالي إذا شوّه أحدهم هذه الموضوعة إلى مقولة إن العنصر الاقتصادي هو، على حد زعمه، العنصر الحاسم الوحيد، فإنه يحول الأطروحة إلى عبارة مجردة، لا معنى لها ولا تدل على شيء. الأوضاع الاقتصادية هي القاعدة، بيد أن العوامل المتنوعة للبنية الفوقية – من التشكيلات السياسية للصراع الطبقي ونتائجه، والأعراف التي تؤسسها الطبقات المنتصرة بعد معارك ناجحة، إلخ، كالأشكال القانونية وحتى انعكاسات كل هذه الصراعات الفعلية في أدمغة المشاركين، كالنظريات السياسية والفقهية والفلسفية والآراء الدينية ثم تطوراتها إلى نظم عقائدية – جميعها تمارس تأثيرها على مساقات الصراعات التاريخية وفي حالات كثيرة تهيمن على تحديد أشكالها. هنالك تفاعل بين كل هذه العوامل والأحداث اللانهائية بحيث… تؤكد الحركة الاقتصادية نفسها في النهاية كضرورة. لولا ذلك فإن تطبيق النظرية [المادية التاريخية] على أي حقبة تاريخية سيكون أسهل من حل معادلة حسابية بسيطة من الدرجة الأولى.”
فهو يعيدني إلى ما يزيد على الاربعين عاما، ذلك عندما كتبت في كتابي: *منهج التحليل الثقافي: الدولة القومية وظاهرة الثورة والديموقراطية* (الطبعة الاولى، 1986م – والكتاب كنا قد فرغنا من مخطوطته عام 1983م، وحافظ على نصه هذا وسمته حتى طبعته الرابعة عام 1999م، والاقتباس اخذناه من هذه الأخيرة، صفحة 96 وقد حافظنا على هذا النص في كل الطبعات حتى الطبعة الثامنة عام 2018م):
“لقد قالت الماركسية بمفهوم البنية التحتية ممثلةً في علاقات الإنتاج ووسائل الإنتاج، ومن ثم البنية الفوقية التي تتشكل وفقاً لذلك. وجاء منهجهم عن البنية الفوقية على أنها جماع العادات والتقاليد والمعتقدات، أي الثقافة ككل مركب. ولكنا نقول عكس ذلك: إن الثقافة هي البنية دونما واحدة تحتية وأخرى فوقية. وللثقافة عدة محرّكات Vehicles منها العادات، والتقاليد، اللغة، التاريخ، الدين … إلخ ثم الاقتصاد. إن العلاقة بين هذه المحركات جدلية، حيث تسعى كل واحدة للاستقلال حتى يتسنى لها فرض أحكامها على الثقافة. عندها تتكاتف مجمل المحركات لإحباط ذلك”. وهكذا دواليك في حلقات جدلية لا تنتهي.
***
وكما تلاحظ، فقط انبنى كلامنا وقتها على موقف الشيوعيين اللينينيين الستالينيين، إذ انحجبت عنهم بصارة ماركس وإنجلز التي عبر عنها في رسالته ليوسف بلوخ أعلاه. هذا بينما اتفقت مفاصل حجاجنا مع ما حوته رسالة إنجلز لبلوخ، دون أن نكون وقتها على علم بها. النقطة المهمة التي أريد الإشارة لها هي فكرة تعددية أقطاب الصراع الجدلي إزاء اختزاله في ثنائية هيقل وبعده ماركس. فمجرد انفتاح قطبية الصراع الجدلي للتعددية، فإنك لا محالة سوف تصل إلى ما قاله إنجلز ليوسف بلوخ كاستنتاج منطقي.
***
والكلام فيهو كلام يا صديقي! وأتمنى لو أن يسّر لنا الرحمن من أمره سببا، لأعود لمناقشة هذه الورقة الفكرية الاستثنائية بتوسع أكبر، ولا عدمناك!

MJH
Juba – 19 April 2024

اظهر المزيد

الرؤية 24

الرؤية 24 موقع إخباري سوداني شامل يهتم بنشر الأخبار العاجلة المحلية والإقليمية والعالمية بكل دقة ومصداقية وحيادية من خلال مصادر أخبار تغطي كل المدن والعواصم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى