أخباررأيعام

نحو سلام وفق مرجعيات جديدة في السودان

نحو سلام وفق مرجعيات جديدة في السودان

ـ لقد كان واضحاً منذ البداية أن دخول قادة بعض الحركات المسلحة، التي وقعت على اتفاقية جوبا لسلام السودان في أكتوبر ٢٠٢٠م (مناوي، جبريل، مالك عقار، وآخرون) في تخطيط وتنفيذ انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١، مغامرة خاسرة وسيئة، مثلت ليس فقط خيانة للمكاسب الموضوعية لمجتمعات مناطق الحروب، التى نصت عليها اتفاقية جوبا فحسب، بل ردة عن المباديء المؤسسة والمعلنة لهذه الحركات، كما أدت الي وأد الانتقال الديمقراطي الذي كان في طريقه إلى إنصاف ضحايا المظالم التاريخية. و بذلك باعوا المستقبل بالمكاسب والأطماع الذاتية الآنية، التي جاءت بنتائج كارثية.

علاوة على ذلك، قادت تلك المغامرة إلى خطيئة دخلت بموجبها قيادات بعض الحركات الموقعة علي الاتفاقية في مساومة المواقف المبدئية والتأريخية بدعوى الدفاع عن الدولة (دولة المظالم التاريخية) والجيش (المسؤول الأول من عنف الدولة المنظم وغير المنظم، المباشر وغير المباشر ضد جميع المجتمعات السودانيه؛ مجتمعات الريف والمدن علي حد سواء)، مصطفة بذلك جنباً إلي جنب مع قوي الظلام، التي ظلت تحاربها لفترة عقدين من الزمان.

إن الحقيقة هي أن اتفاقية جوبا والوثيقة الدستورية والهياكل المنظمة لها، المتمثلة في قانون القوات المسلحة، وقانون الدعم السريع، والهياكل المنظمة للخدمة المدنية، وهياكل الحكم لا مكان لها بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر، وحرب ١٥ أبريل، وبالانقلاب والانهيار الدستوري، الذي حدث كنتيجة طبيعية للحرب الشاملة التي لا زالت مستعرة.

إن الأسس التي قامت وتقوم عليها عمليات إيقاف الحرب وصناعة السلام إنما هي معاهدات عقد اجتماعي جديدة لا تستند إلى أيٍ من الاتفاقات أو السلطات، التي كانت سارية في عهد ما قبل الانقلاب والحرب. هذا هو ذات الموقف الذي عبَّرنا عنه ليلة اعتصام الموز.

لقد قُتِلت اتفاقية جوبا ومُزقت تمزيقاً بأيدي من يندب حظهم اليوم، ثم انهار الوضع الدستوري والنظام القانوني والإداري والسياسي في السودان بأيدي من يتباكي علي الدولة وسيادة الدولة والشرعية اليوم (داير الزايد وقع في أُم سدايد).

إن ما سيجري من عمليات لوقف الحرب الدائرة الآن بين الطرفين وهما الجيش وقوات الدعم السريع، هو امتداد لما تم في جدة والمنامة، وتشمل، من بين قضايا أخرى، إجراءات وقف العدائيات، توصيل المساعدات الانسانية، حماية المدنيين ومبادئ وأسس تأسيس وبناء للدولة السودانية.

تلتزم القوى التي ارتضت أن تحارب إلى جانب الجيش (مناوي، جبريل، عقار) بما سوف تتمخض عنه حوارات وقف العنف وحماية المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية بجنيف.

فقضية المشاركة في مفاوضات جنيف ليست قضية تصميم العملية، بل هي مسألة مرتبطة بطبيعة العلاقه والاتفاق بين الجيش والقوى، التي قاتلت معه، وهي مسألة تحددها طبيعة الاتفاق. وينطبق الشيء نفسه على القوى التي قاتلت إلى جانب الدعم السريع. أما القوى المدنية والديموقراطية المحايدة في هذه الحرب، فموقفها الثابت هو تشجيع الأطراف وتعبئة السودانيين أصحاب المصلحة الحقيقية على إرغام الأطراف للذهاب إلى سويسرا في المواعيد المضروبة لبداية التفاوض.

إن القوى التي اختارت طوعاً القتال إلى جانب الجيش في حربه غير المشروعة سيذهبون الي العملية السياسية كقوى عسكرية باعتبارها جزء من الجيش وليس كطرف ثالث كما تحلم هي هذه الأيام. وفي المقابل، فإن القوى التي انحازت إلى جانب الدعم السريع سوف تذهب إلى العملية السياسية كقوى قاتلت الي جانب الدعم السريع.

الأستاذ -محمد حسن التعايشي _عضو مجلس السيادة الإنتقالي السابق.

 

اظهر المزيد

الرؤية 24

الرؤية 24 موقع إخباري سوداني شامل يهتم بنشر الأخبار العاجلة المحلية والإقليمية والعالمية بكل دقة ومصداقية وحيادية من خلال مصادر أخبار تغطي كل المدن والعواصم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى