منبر جدة… حمـ ـيدتي أفرغ مسـ ـدسه.. !
رشان اوشي
أمراً واقعاً.. اندلعت الحرب و أصبح السودان في مرمى النـ ـار الفوضوية، التي كان المحور الإقليمي وحلفاؤه يجمعون حطبها و يوقدون نارها.
عند بدايتها كان الجيش في موقف حرج للغاية، وكان من ضمن خيارات قيادته هي التفاوض عسى ولعل يجدون مخرجاً يكفي السودانيين شر التشرد والنزوح، ولكن بعد أن فعلت المليـ ـشيا كل شئ معقول وغير معقول، فما الذي يجبر الجيش على التفاوض وتوقيع عقد إذعان؟…
عندما استجاب الجيش ل “منبر جدة” الأمريكي السعودي، كان مسـ ـدس “حميـ ـدتي” مليئاً بالطـ ـلقات التي تمنحه قدراً من القوة لمحاولة الاجهاز على خصومه الواحد بعد الآخر، أو ارغامهم على تقديم تنازلات في اسوأ الاحتمالات، غير أن للأقدار لعبتها غير المحسوبة في توقيتها و ثقلها، فإذا بالوضع الميداني يتغير، ويتحول إلى بداية لانهيار متسارع، وإلى إفراغ مسـ ـدسه من طلـ ـقات كثيرة لم تصـ ـب أهدافها.
هناك ضغوط غربية على قيادة الجيش لاستئناف “منبر جدة” في أبريل القادم، وبالطبع لن يرفضها الجيش لأن التفاوض إحدى آليات حسم المعركة، ولكن ماهي الأجندة التي سيتم التفاوض عليها، وهل سيقفز المنبر على اتفاق المبادئ الموقع في مايو/ ٢٠٢٣ م؟.
وضع الجيش أجندته واضحة أمام الشعب، وصرح بها نائب القائد العام “شمس الدين كباشي” بالقضارف، موضحاً بأن أجندة الجيش التي سيقدمها لاي مبادرات تفاوض تتلخص في: “الانسحاب من المدن المحـ ـتلة، إخلاء منازل المواطنين والأعيان المدنية، تعويض الملايين من المواطنين الذين نهـ ـبت ممتلكاتهم الخاصة، إعمار البنى التحتية التي دمرتها الملـ ـيشيا”.
السؤال المحوري، هل ما زال “حميـ ـدتي” يملك السيطرة الكاملة على عـ ـصابات الـ ـنهب المسـ ـلح التي تجتاح المدن والقرى لأغراض النـ ـهب والسـ ـرقة؟، بالطبع (لا)، فقد انفرط العقد من يده، هو اليوم ينام منهكاً، هذه أقسى الحـ ـروب التي خاضها منذ تأسيس المليـ ـشيا في العام ٢٠١٣ م، كانت محاربة حركات دارفور أسهل، عناوينها معروفة، يمكن قصم ظهرها، ضـ ـرب معسكراتها وإحـ ـراق قرى حواضنها الاجتماعية، يمكن إرغامها على تجرع سم الهزيمة، ولكن مواجهة القوات المسلحة السودانية حرب لا تشبه ما سبق، هو الجيش الذي حارب لخمسين عاماً ولم يهزم.
“حميــ ـدتي” الآن يتجرع سم الهزيمة، التي لن تجعله مؤهلاً لإملاء شروطه، الان يتفقد الأرقام، مئات القـ ـتلى من الضباط والجنود ومعهم آلاف الـ ـجرحى والمعوقين، خسائر مالية رهيبة، وإذا استمر في إصراره على القتـ ـال ومهـ ـاجمة المدن، سيواجه خلال الفترة القادمة الآلاف من الشباب السوداني الذين أكملوا جرعات التدريب بمعسكرات المـ ـقاومة الشعبية، وسيبدأ زحفهم على بيوتهم المـ ـحتلة.
خلاصة القول هي: صحيح أن السودان يعيش بأزمات متفجرة، ولكن لم يعد في الوقت متسع لأن تلتقط المليـ ـشيا أنفاسها لفرض واقع تفاوضي لصالحها، ولن تستطيع واشنطن إيقاف الحـ ـرب، ولجم ملـ ـيشيا “حمـ ـيدتي”.
محبتي واحترامي