اشتباكات عنيفة تهز السودان عشية الهدنة المرتقبة
ـ تجددت، الأحد، الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الفاشر عاصمة إقليم دارفور بغرب البلاد، وحول مدينة سنار في الوسط، وذلك قبل يوم واحد من الموعد المحدد للهدنة التي دعا لها مجلس الأمن الدولي الجمعة بمناسبة شهر رمضان، والتي تتزايد الشكوك حول إمكانية تنفيذها في ظل الشروط التي وضعها الجيش السوداني.
وأفادت مصادر طبية بمقتل وإصابة أكثر من 30 شخصا في أحدث سلسلة من المعارك في الفاشر، التي تعتبر إحدى المدن القليلة في إقليم دارفور، التي لا يزال للجيش وجود فيها.
وتخضع نحو 90 في المئة من مناطق إقليم دارفور لسيطرة قوات الدعم السريع، في حين يحتفظ الجيش بوجود نسبي في الفاشر عاصمة الإقليم، الذي تبلغ مساحته 493 ألف كيلومتر مربع ويقطنه نحو 6 ملايين نسمة، ويربط حدود السودان بكل من ليبيا وتشاد وإفريقيا الوسطى.
وتشير تقارير إلى ارتفاع عدد القتلى في مختلف مناطق الإقليم إلى أكثر من 7 آلاف منذ اندلاع الحرب في أبريل، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، ونزوح أكثر من 4 ملايين شخص إلى دولة تشاد المجاورة وعدد من المناطق الداخلية في الإقليم.
ويتعقد الموقف العملياتي في دارفور بشكل كبير في ظل انتشار أكثر من 87 حركة ونشوب خلافات حادة حول الموقف من الحرب الحالية، حيث ترفض الحركات المنضوية تحت مظلة الجبهة الثورية الموقعة على اتفاق السلام، ما أعلنته حركات أخرى مثل حركتي جبريل إبراهيم وزير المالية الحالي ومني أركو مناوي حاكم إقليم دارفور بالاصطفاف إلى جانب الجيش.
وتحمل الجبهة الثورية الحركات التي تخلت عن الحياد مسؤولية تعقيد الأزمة الحالية في دارفور.
وقال رئيس الجبهة الهادي ادريس لموقع “سكاي نيوز عربية” إن تخلي بعض الحركات عن موقف الحياد واصطفافها إلى جانب أحد طرفي النزاع أدى إلى تعقيد أزمة الإقليم.
وفي وسط البلاد، دارت معارك قوية أيضا حول عدد من القرى والمناطق المحيطة بسنار، التي تبعد نحو 110 كيلومترات إلى الجنوب من مدينة مدني، مما أدى إلى سقوط 6 قتلى وعدد من الجرحى، وسط تقارير عن موجة نزوح كبيرة من المناطق التي تتعرض لقصف جوي متواصل لليوم الرابع على التوالي.
شكوك حول الهدنة
تأتي هذه التطورات الميدانية في ظل تزايد المخاوف من فشل الهدنة التي دعا لها مجلس الأمن الدولي والتي يفترض ان تبدأ الإثنين تزامنا مع بدء شهر رمضان.
وأكد ياسر العطا مساعد قائد الجيش على الشروط التي وضعتها وزارة الخارجية السودانية، حيث طالب قوات الدعم السريع بالخروج من جميع المناطق التي تسيطر عليها في العاصمة الخرطوم وإقليمي دارفور وكردفان إضافة إلى ولايتي الجزيرة والنيل الأبيض في وسط البلاد.
وكثفت صفحات إعلامية موالية للجيش من الرسائل الداعية لعدم الالتزام بدعوة وقف إطلاق النار، فيما قالت قوات الدعم السريع إنها ترحب بالدعوة، معبرة عن أملها في أن تسهم في تخفيف معاناة السودانيين من خلال إيصال المساعدات الإنسانية وتسهيل حركة المدنيين فضلا عن استغلالها في بدء مشاورات جادة نحو بدء العملية السياسية، التي تفضي إلى وقف دائم لإطلاق النار.
وقالت الخارجية الأميركية إن المبعوث الخاص الجديد إلى السودان توم بيريللو سيبدأ الثلاثاء جولة للالتقاء بشركاء الولايات المتحدة في إفريقيا والشرق الأوسط، من أجل بحث توحيد الجهود الرامية لإنهاء الحرب السودانية، التي تتفاقم تداعياتها بشكل كبير، حيث أدت حتى الآن إلى مقتل أكثر من 15 ألف شخص وتشريد نحو 10 ملايين وهددت الأمن الغذائي لأكثر من ثلثي السكان البالغ عددهم نحو 42 مليون نسمة.
ومن المتوقع أن تشمل جولة المبعوث الأميركي كل من أوغندا وإثيوبيا، وجيبوتي وكينيا ومصر والسعودية ودولة الإمارات. وسيلتقي بيريللو خلال الجولة مع عدد من ممثلي المجتمع المدني ولجان المقاومة والطوارئ ومجموعات نسوية وشبابية.
وطالبت الولايات المتحدة مجلس الأمن الدولي بفعل المزيد من أجل إنهاء معاناة السودانيين. وقالت ممثلة الولايات المتحدة السفيرة ليندا توماس غرينفيلد: “لقد دعوت مجلس الأمن مرارا وتكرارا إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الصراع الوحشي في السودان، ومن المهم أن يتحدث المجلس لإدانة أعمال العنف، والمطالبة بوقف إطلاق النار، ودعوة الأطراف إلى ضمان توفير المساعدات الإنسانية الضرورية”.